
تشهد ولاية الحوض الشرقي، الواقعة في أقصى الشرق الموريتاني، زيارات متكررة لمسؤولين حكوميين وشخصيات بارزة، تتخللها جولات ميدانية ومشاركات في فعاليات محلية، مصحوبة بوعود رسمية تتعلق بتحسين البنية التحتية وتعزيز مستوى الخدمات الأساسية.
لكن، وعلى الرغم من كثافة هذه الزيارات، يرى عدد من المراقبين وسكان الولاية أن الوعود تبقى حبيسة التصريحات والتقاط الصور، دون أن تترجم إلى مشاريع ملموسة تنعكس إيجابًا على حياة المواطنين.
ويؤكد السكان أن غياب آلية فعالة لمتابعة تنفيذ التوصيات والمشاريع يشكل أحد أبرز التحديات التي تحول دون تحقيق التنمية المنشودة.
وفي تطور لافت، خرج والي الحوض الشرقي عن صمته مؤخرًا، حيث دعا – ولأول مرة بشكل علني – إلى تشكيل لجنة مستقلة لمراقبة تنفيذ المشاريع التنموية في الولاية، خلال لقاء رسمي مع شركاء التنمية.
وقد وُصفت هذه الخطوة بـ"الشجاعة"، وأعادت بعض الأمل لدى السكان بأن تتغير طريقة التعاطي مع التحديات المتراكمة في المنطقة.
إصلاحات "شكلية" وتحديات هيكلية
ويرصد السكان أن بعض الزيارات الرسمية غالبًا ما تُرافق بإصلاحات سطحية أو أنشطة مؤقتة تهدف إلى تحسين الانطباع العام خلال وجود الوفود الحكومية، دون أن تعالج جوهر المشكلات.
في المقابل، يواجه المواطنون يوميًا واقعًا صعبًا يتمثل في ضعف البنية التحتية، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، وغياب حلول مستدامة للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
ورغم إعلان الحكومة بشكل دوري عن تخصيص "مليارات" لتحسين أوضاع الحوض الشرقي ضمن برامج الدعم الاقتصادي والاجتماعي، يشكو سكان الولاية من عدم لمس أي أثر فعلي لهذه التمويلات.
وتزداد معاناتهم بفعل ارتفاع الأسعار، وتراجع القدرة الشرائية، وارتفاع نسب البطالة، وسط موجة لجوء متزايدة من دولة مالي المجاورة، ما يفاقم الضغوط على الموارد والخدمات.
أسئلة معلقة وإجابات غائبة
وتُطرح تساؤلات كثيرة في الشارع المحلي حول مصير هذه المبالغ الضخمة المعلنة، أين تذهب؟ ولماذا لا تصل آثارها إلى السكان؟ ويُرجع مراقبون غياب النتائج إلى جملة من الأسباب، أبرزها ضعف آليات الرقابة، وسوء توزيع الموارد، وتفشي الفساد الإداري والمالي الذي يقوّض فعالية البرامج التنموية.
وبين معرض الثروة الحيوانية في تمبدغة، والطاولات المستديرة، ومنسقيات التنمية، ووكالات التآزر، تتوالى المبادرات الرسمية وتتعدد التسميات، لكن المواطن في الحوض الشرقي لا يزال يشعر بأن معاناته مستمرة، وأن معظم السياسات، خصوصًا تلك المرتبطة بما يسمى "تنمية الولاية"، تأتي بنتائج عكسية على الفئات الهشة والأكثر تضررًا.
ويرى خبراء أن تحسين الوضع لا يكمن فقط في ضخ مزيد من الأموال، بل يتطلب إعادة النظر في آليات التخطيط والتنفيذ، وتفعيل مبادئ الشفافية والرقابة الصارمة.
كما يشددون على ضرورة إشراك المجتمع المدني والساكنة المحلية في متابعة وتقييم المشاريع، لضمان أن تصل الموارد إلى مستحقيها وتحقق الأثر المطلوب.
في انتظار أن تتحول الوعود إلى إنجازات، يظل الحوض الشرقي نموذجًا حيًا لحالة من التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي والواقع الميداني، وبين ما يُعلن على الورق وما يعيشه الناس على الأرض.
مولاي الحسن مولاي عبد القادر