
تشهد الساحة السياسية الموريتانية تصاعدًا غير مسبوق في الدعوات المطالبة بإقالة رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وذلك في أعقاب ما اعتبره مراقبون اعترافًا ضمنيًا من اللجنة بوجود خروقات وتزوير شابت عملية الانتخابات الأخيرة، ما فجّر موجة استياء واسعة في الأوساط السياسية والحقوقية.
وتأتي هذه المطالب في ظل حالة احتقان سياسي يطغى على المشهد، في وقت يترقب فيه الشارع الوطني انطلاق حوار سياسي لا تزال ترتيباته الأولية تواجه صعوبات تنظيمية وتنسيقية، وسط تحذيرات من إمكانية فشل الحوار قبل أن يبدأ فعليًا.
ويرى مراقبون أن بقاء اللجنة الحالية بتشكيلتها المتهمة بفقدان الحياد، يهدد مصداقية أي عملية انتخابية مقبلة، ويقوض ثقة المواطن في آليات التنافس السياسي، خصوصًا في ظل تواتر الشهادات والتقارير حول عمليات تلاعب بالمحاضر، وتوزيع غير منصف للبطاقات الانتخابية، إضافة إلى تغييب بعض القوى السياسية عن مراحل الفرز والاعتماد.
ويتساءل المتابعون عن دوافع تمسّك النظام القائم بلجنة انتخابية باتت موضع تشكيك علني، متجاهلًا الأصوات المطالِبة باستبدالها بهيئة توافقية تضمن الحد الأدنى من الشفافية.
ويذهب البعض إلى اعتبار هذا التمسك دليلاً على نية مبيتة لـ"توجيه" نتائج الانتخابات بشكل يخدم بقاء الوضع القائم.
وفي السياق ذاته، طالبت جهات سياسية وحقوقية عديدة بضرورة إقالة اللجنة الحالية واستبدالها بلجنة جديدة ذات طابع توافقي، تحظى بقبول واسع، وتتمتع بالكفاءة والاستقلالية الكافية لتنظيم أي استحقاقات انتخابية تعبّر عن إرادة الناخبين الحقيقية، وتحفظ ما تبقى من مصداقية الدولة أمام الداخل والخارج.
وحذّر مراقبون من أن تجاهل هذه الدعوات من شأنه أن يفاقم حالة الاحتقان السياسي، ويدفع أطرافًا من المعارضة إلى تبني خيارات تصعيدية قد تأخذ شكل احتجاجات أو انسحاب من العملية السياسية، ما سيضع البلاد أمام مأزق جديد يُهدد الاستقرار السياسي، ويُضعف فرص أي تحول ديمقراطي حقيقي.
حتى الآن، لم تُصدر اللجنة المستقلة للانتخابات أي توضيحات رسمية حول ما أثير من اتهامات أو حول مستقبل تشكيلتها، في ظل صمت حكومي يُفسّره البعض على أنه تجاهل متعمد، بينما يراه آخرون تأكيدًا على هشاشة الموقف الرسمي حيال أزمة باتت تتطلب معالجة عاجلة وجريئة.