آل البيت في موريتانيا: حضور تاريخي وتجاهل مؤسسي

جمعة, 04/25/2025 - 18:47

منذ قرون، ارتبطت الصحراء الكبرى بحب آل البيت، وتوارث أهلها هذا الحب جيلاً بعد جيل، حتى قبل ميلاد الدولة الموريتانية الحديثة.

علاقة روحية خاصة ربطت بين السكان وهذه السلالة النبوية الكريمة، تجلّت في الإكرام والاقتداء والموالاة، رغم تباين المكونات القبلية والعرقية والاجتماعية.

المكانة الاجتماعية الضائعة

يقرّ الفقهاء والباحثون بأن لآل البيت مكانة شرعية وحقوقاً خاصة، منها تحريم الزكاة عليهم، ووجوب تخصيص جزء من بيت مال المسلمين لهم، عوضًا عن خمس الغنيمة، وفق ما ورد في قوله تعالى:
(وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنفال:41] .

ومع تعذر تطبيق الخمس اليوم، فقد اتفق كثير من العلماء على وجوب منح آل البيت نصيباً من بيت المال، باعتباره المؤسسة التي تمثل حقوق المسلمين كافة.

لكن واقع الحال في موريتانيا يسير في اتجاه مغاير، حيث يشعر كثير من أبناء الأسر الشريفة بأنهم تعرضوا للتهميش المنهجي، منذ تأسيس الدولة.
التجاهل المؤسسي
لم تضع الدولة الموريتانية منذ نشأتها أي تصور واضح أو بند مالي مخصص لآل البيت، وهو ما فُسّر عند البعض على أنه إقصاء متعمد لهذه الفئة، التي ارتبط اسمها بسلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بل إن مظاهر التقدير الاجتماعي التي دأب عليها المجتمع القبلي، وعلى رأسها تقديم "الهدية" كعرف معروف لذرية النبي، تعرضت هي الأخرى للتقليص أو التوجيه نحو جهات أخرى، أُعطيت باسم الدين في أولى خطوات الدولة المركزية، لتكريس قطيعة رمزية بين المؤسسة الرسمية والعترة النبوية.
فقه التضييق
واكب هذا التوجه صعود خطاب ديني متشدد، رأى في الصدقة "وسخ المال"، وحرّم على آل البيت نيلها، دون تقديم بدائل تعويضية. وهكذا، وبدلاً من أن يُرفع الحرج عنهم، وجدوا أنفسهم في مواجهة مجتمع يؤمن بفضلهم، ودولة تغض الطرف عن حقوقهم.
انكسار العرف الديني
إن ما تعرض له آل البيت في موريتانيا من إقصاء ليس مجرد مسألة مالية أو اجتماعية، بل هو انكسار لعرف ديني وتاريخي متجذر، طالما مثّل صلة وصل بين الناس وسلالة النبي. واليوم، وأمام التحولات الاجتماعية والوعي المتزايد بالعدالة التاريخية، يبرز التساؤل: هل آن الأوان لإنصاف العترة الطاهرة، وإعادة الاعتبار لحقوقهم في وطن لطالما أحبهم في الله؟
مولاي الحسن مولاي عبد القادر