جدل واسع بعد إسناد حقيبة الشؤون الإسلامية لـ"بحّار": خرقٌ لتقاليد القطاع أم تجديد مطلوب؟

اثنين, 09/22/2025 - 16:43

أثار التعديل الوزاري الأخير في موريتانيا جدلاً غير مسبوق في الأوساط الدينية والفكرية، بعدما أُعلن عن تعيين النائب السابق والضابط في البحرية التجارية الفضيل ولد سيداتي وزيراً للشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، قادماً من حقيبة الصيد. 
القرار، الذي فاجأ الرأي العام، قوبل بانتقادات واسعة من شخصيات دينية مستقلة اعتبرته “ضربة لهيبة القطاع” و”خروجاً عن تقليد راسخ منذ إنشاء الوزارة”.
ويقول منتقدو الخطوة إن وزارة الشؤون الإسلامية ليست مجرد حقيبة إدارية، بل هي مرجعية روحية تمس هوية المجتمع الموريتاني المتدين، ما يقتضي ـ في نظرهم ـ أن يُسند تسييرها إلى شخصية علمية ذات خلفية فقهية أو دعوية. 
ويرى هؤلاء أن إسناد المنصب إلى شخصية بلا صلة بالعلوم الشرعية أو الخطاب الديني يشكل سابقة في تاريخ الحكومات المتعاقبة، التي درجت على تكليف علماء أو أئمة أو باحثين في الدراسات الإسلامية بقيادة هذا القطاع الحساس.
في المقابل، يرى آخرون أن التغيير قد يحمل في طياته بعداً إصلاحياً، إذ يمكن لشخص قادم من خارج الدائرة التقليدية أن يضخ رؤية إدارية جديدة، بعيداً عن الصراعات الفقهية أو البيروقراطية التي أعاقت ـ بحسبهم ـ تطوير مؤسسات الوزارة. 
ويشير هؤلاء إلى أن الكفاءة في الإدارة وصياغة السياسات لا تقل أهمية عن الخلفية الدينية، خصوصاً إذا أحاط الوزير نفسه بمستشارين من أهل الاختصاص.
مع ذلك، تبقى المخاوف قائمة لدى شريحة واسعة من المجتمع من أن يؤدي هذا التعيين إلى إضعاف حضور العلماء في صياغة السياسات الدينية، أو إلى تسييس قطاع ظل يُنظر إليه تاريخياً كحارس للقيم الروحية والمرجعية الفقهية للبلاد.

ويطالب المنتقدون بضرورة الحفاظ على مكانة الوزارة كجسر بين الدولة والمرجعيات الدينية، وعدم تحويلها إلى مجرد إدارة بيروقراطية بلا عمق معرفي.
التعديل الوزاري الأخير فتح، إذاً، نقاشاً أوسع حول معايير اختيار القائمين على القطاعات ذات الحساسية الثقافية والدينية، وحول التوازن المطلوب بين الكفاءة الإدارية والخبرة التخصصية. وهو نقاش يبدو مرشحاً للاستمرار ما لم يُقدَّم تصور واضح يضمن احترام خصوصية قطاع الشؤون الإسلامية، مع تحديث أساليبه بما يواكب تحديات العصر.