المخدرات في موريتانيا: من خطر عابر إلى خطر مقيم

جمعة, 05/09/2025 - 15:09

في السنوات الأخيرة، شهدت موريتانيا تحولاً لافتاً في طبيعة التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجهها، وعلى رأسها ظاهرة انتشار المخدرات.

فبعد أن كانت تُصنّف ضمن القضايا المسكوت عنها، أصبحت اليوم ملفاً حارقاً يفرض نفسه على النقاش العام، نظراً لتوسع نطاقه وتعقّد شبكاته.

لم يعد الحديث عن تجارة المخدرات في موريتانيا من المحرّمات أو التابوهات، بعدما تحولت من نشاط سري يمارسه أفراد وعصابات محدودة، إلى ظاهرة تهدد بنيان المجتمع بأكمله.

الأخطر في المسألة هو أن هذه التجارة لم تعد حكراً على أفراد خارجين عن القانون، بل اتخذت بعداً عائلياً، قد يجرّ مناطق بأكملها إلى دائرة الاتهام.

قبل نحو عقدين، كان يُنظر إلى المخدرات في موريتانيا على أنها مواد عابرة، تمر عبر الحدود في طريقها إلى أسواق أخرى.

غير أن الواقع اليوم يعكس تحول هذه المواد من سلعة عابرة إلى مادة استهلاكية داخلية، تغزو شوارع المدن وتخترق البيوت والمدارس، وتستهدف فئة الشباب بشكل خاص.

تتجلى آثار هذا الانتشار في ارتفاع معدلات الجريمة، كحالات السرقة والاعتداء على الممتلكات، فضلاً عن حوادث السير الناجمة عن القيادة تحت تأثير المواد المخدرة.

كما تُسجّل حالات عنف، اغتصاب، بل وحتى جرائم قتل، كلها تغذيها المخدرات بشكل مباشر أو غير مباشر.

والنتيجة: مجتمع أكثر هشاشة، ودولة مثقلة بأعباء اجتماعية واقتصادية وأمنية متزايدة.

وعلى الصعيد الصحي، تُسبب المخدرات أضراراً جسيمة لصحة الفرد النفسية والبدنية، ما ينعكس سلباً على أداء الأسرة واستقرارها، ويؤثر على النسيج المجتمعي بشكل عام. فالإدمان لا يدمّر الفرد وحده، بل يمتد أثره إلى محيطه الاجتماعي ويقوّض أسس التنمية.

إن مواجهة خطر المخدرات في موريتانيا تتطلب استراتيجية وطنية شاملة، ترتكز على التوعية، والتشريع، والتأهيل، والتعاون الإقليمي والدولي.

ولعل أولى الخطوات في هذا الطريق، هي كسر حاجز الصمت، وتعزيز وعي المجتمع، وخاصة الشباب، بخطورة هذه الآفة التي لا تهدد الأفراد فقط، بل تمس مستقبل الوطن واستقراره.

مولاي الحسن مولاي عبد القادر