ولد أجاي.. "المحصل" العائد من بوابة الخصوم إلى رئاسة الحكومة

خميس, 07/17/2025 - 18:40

في خطوة مثيرة للجدل داخل الأوساط السياسية والشعبية، كلّف الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الوزير الأسبق للمالية المختار ولد أجاي، بتشكيل الحكومة، في عودة لافتة لرجل ارتبط اسمه بواحد من أكثر العهود إثارة للجدل على مستوى السياسات الضريبية والولاء السياسي.
ورغم سنوات الغياب التي أعقبت سقوط نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عاد ولد أجاي فجأة إلى الواجهة من خلال مشاركات إعلامية محدودة، ونشاطات دعائية، قبل أن يتسلل إلى ديوان رئاسة الجمهورية، ويُكلف لاحقًا بتشكيل حكومة ، رغم شعبية المتواضعة وتأثيره في المجمع الانتخابي في ولايته.
ورغم ما كان يُوصف به من ولاء مطلق للرئيس السابق، حيث دافع عن سياساته وشهد له علنًا ضمن شهادة في حقه وصفها بالتاريخية، حاز ولد أجاي على ثقة الرئيس ولد الشيخ الغزواني، أحد أبرز خصوم النظام السابق، ما طرح تساؤلات كثيرة حول خلفيات هذا التكليف وغاياته السياسية.
اشتهر ولد أجاي بسياساته المالية المتشددة، حيث شهدت ولايته في وزارة المالية توسيعًا غير مسبوق للقاعدة الضريبية لتشمل معظم القطاعات الاقتصادية، في نهج وصفه المراقبون حينها بـ"الجبائي القاسي"، بينما وصفه بعض معارضي النظام السابق ب"محصل" عزيز. 
واليوم، ومع عودته إلى دفة القيادة، تتجدد الشكاوى من تصاعد الضغط الجبائي، بل إن الإجراءات الضريبية طالت حتى السيارات الحكومية، وسط حديث عن إشراف مباشر منه على هذه السياسات.
ورغم ما تحققه هذه السياسة من عائدات مالية، يشير مراقبون إلى أن أثرها لم ينعكس إيجابًا على حياة المواطنين، بل تزامنت مع تزايد التقارير عن تفشي الفساد وغياب الرقابة، وتراجع دور المؤسسات الدستورية في مراقبة الأداء الحكومي.
وبعد عام على تشكيل حكومة ولد أجاي، يزداد الحديث عن حصيلة متواضعة، وعجز واضح عن تحويل التزامات الرئيس إلى سياسات عملية. 
إذ يرى العديد من المحللين أن الحكومة الحالية فشلت في الاستجابة لتطلعات الشارع، رغم ما أتيح لها من إمكانيات وموارد.
ومع تفاقم الأزمات في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والتشغيل، يلاحظ كثيرون انشغال بعض الوزراء ببرامج إعلامية يغلب عليها الطابع الترويجي، ما عمّق فجوة الثقة بين المواطن والخطاب الرسمي، وساهم في ارتفاع منسوب الاستياء الشعبي.
وفي مقابل هذا الواقع، تشير تقارير مستقلة إلى تفشي الفساد وسط كبار المسؤولين، وتحول بعضهم إلى رجال أعمال يملكون استثمارات داخل البلاد وخارجها، في ظل غياب آليات فعالة للمساءلة، ووجود مؤشرات على توجيه الميزانيات العمومية نحو شراء الولاءات السياسية والإعلامية.
كل هذه المعطيات تدفع إلى طرح سؤال محوري:
هل سيكون إخفاق حكومة ولد أجاي بداية مرحلة إصلاح حقيقية، تعيد الثقة للمواطن، وتفتح الباب أمام وجوه جديدة أكثر نظافة وكفاءة؟
أم أن البلاد بصدد حلقة جديدة من مسلسل إعادة تدوير نفس الأشخاص المجربين والمرتبطين في الغالب بالنظام السابق؟
حتى الآن، تبدو الإجابة غير مبشرة، في ظل غياب أي مؤشرات فعلية على مراجعة السياسات الحالية، واستمرار النهج القائم على الإنفاق الفوضوي وتهميش أولويات المواطنين.
مولاي الحسن مولاي عبد القادر