مهرجانات في زمن الأزمة: ترف ثقافي أم هدر للمال العام؟

أحد, 07/13/2025 - 17:11

رغم ما تحمله المهرجانات الثقافية والفلكلورية من رمزية في الحفاظ على التراث الوطني وتعزيز الهوية، إلا أن تنظيمها في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة يثير الكثير من الجدل في الشارع الموريتاني.
ففي وقت يعاني فيه المواطن الموريتاني من تدهور المعيشة وندرة الخدمات الأساسية، تُرصد مليارات الأوقية سنويًا لتمويل مهرجانات تستعرض الرقص والأهازيج، في مدن يغمرها الفقر وتغيب عنها البنى التحتية الأساسية، مما يجعل التساؤل مشروعًا: من المستفيد الحقيقي من هذه التظاهرات؟
بين الأولويات الغائبة والمستفيدين الدائمين
يشير العديد من المهتمين بالشأن الثقافي إلى أن المستفيد الأكبر من هذه الميزانيات الضخمة هو القطاع الحكومي المنظم، إضافة إلى فرق فنية ومحاضرين يتم انتقاؤهم غالبًا دون معايير شفافة، إلى جانب الرماة وفرق السباقات التقليدية. وفي المقابل، تغيب أي آثار تنموية ملموسة على المدن المستضيفة، ما يجعلها – حسب البعض – مجرد "شاهد زور" على هدر المال العام.
ثقافة في بيئة تعاني
المدن التي تستضيف هذه المهرجانات غالبًا ما تتصدر مؤشرات الفقر والبطالة والأمية، وتعاني من نقص في المياه الصالحة للشرب، ورداءة الخدمات الصحية والتعليمية، وهو ما يطرح تساؤلات حقيقية حول سلم أولويات السياسات العمومية، ومدى ارتباطها بالواقع الفعلي للمواطنين.
منبر ثقافي أم واجهة للفساد؟
يرى منتقدو هذه التظاهرات أن الإنفاق السخي عليها قد يشكل نوعًا من "الترف الإداري"، إن لم يكن واجهة مقنّعة لممارسات فساد مقونن. ويذهب البعض إلى حد وصفها بـ"الواجهة الإعلامية" لتسويق صورة زائفة عن حركية ثقافية غير موجودة على أرض الواقع.
وفيما يطالب الشباب بفرص العمل، وتطالب الأسر بمراكز صحية ومدارس، تُهدر ميزانيات ضخمة على فعاليات تفتقد غالبًا للتنظيم والرؤية، وسط ما يصفه مراقبون بـ"سوق الفوضى والمحسوبية الثقافية".
دعوة لترشيد الثقافة لا إلغائها
المطلب اليوم لا يتمثل في إلغاء هذه المهرجانات أو التظاهرات الثقافية، بل في ترشيدها وجعلها أدوات حقيقية للإنتاج والتطوير، لا وسائل لإلهاء الرأي العام أو تمويه فشل السياسات التنموية.
ويبقى السؤال الملحّ: متى تتحوّل هذه التظاهرات من استعراضات فولكلورية إلى مشاريع تنموية تنهض بالمدن الهشة، وتعزز حضور الثقافة في خدمة الإنسان لا في تزييف معاناته؟
مولاي الحسن مولاي عبد القادر