
يتعرض حاملي وثائق صندوق التأمين الصحي في مركز الاستطباب بمدينة النعمة لحملة مضايقات متعمدة وتجاهل ، تبدأ لدى الاستقبال والتسجيل وتنتهي بين يدي الاخصائيين وفي مختبرات تحليل الدم.
وتعود أسباب تلك المضايقات والتجاهل إلى سياسة تسيير ينتهجها المركز منذ عقود ، تهدف إلى تحصيل اكبر موارد من جيوب المرضى والمعدمين ، في ظل سوء التسيير ، والمحاصصة في الدخل ، والاسترزاق ، بين الاخصائيين والممرضين والقابلين والحراس ، ما يجعل اعتماد صندوق اكنام عائقا في نظر القائمين على المركز ، أمام ارتفاع مستوى دخل المركز ، وعملية التحصيل التي يتفانى الجميع من أجلها مقابل خدمات رديئة ومغشوشة وغير مهنية.
وقد وفرت رعونة الممارسات المتفشية في المركز اليتيم ثراء فاحشا للعاملين في المركز على حدي سوى حتى اصبح اكبر ملاك العقارات في مدينة النعمة الاطباء الاكثر نفوذا في المركز ، حسب مصادر سكانية.
موقع "صوت" زار صباح اليوم الثلاثاء المركز الصحي الوحيد العامل في المدينة حيث استطلعنا اراء بعض زوار المركز من حملة اوراق الصندوق الوطني للضمان الصحي .
من بينهم سيدة كشفت لموقع "صوت" عن ان اسمها زينب ، وان زوجها موظف في نواكشوط ، ولديها اعتماد من الصندوق! ، منذ يومين تتردد على المركز لمقابلة متخصص في النساء ولم توفق بعد!، تقول السيدة زينب إن الاخصائي يشترط عدد معين من النساء يوميا للدخول عليه ، والأولوية في الاستقبال والتسجيل ، لمن يدفع الرسوم كاملة ، وهو ما يعتبر اقصاء صريحا لمشتركي "اكنام" الذين يدفعون 10 % من مجموع الرسوم .
وتقول السيدة زينب ان احد الاخصائيين النسائيين يدعى خير الناس لا يخفي عدم التزامه بالاعتراف بضمان "أكنام" إلا انها تنتهز الفرصة لوجوده في عطلة ، وعدم وجوده في المركز ، لاستفادة من خدمات اخصائي آخر يدعى احمد اقل حدة وتشددا اتجاه "اكنام" حسب قولها.
تيممنا غرف الداخل للبحث عن مكتب ممثل صندوق "اكنام" والاستفسار عن القضية ، فدلنا احد المرضى المشتركين بالصندوق على هذه الغرفة التي بالكاد تتسع لمكتب صغير والتي بدت كأنها غرفة حارس صغيرة جدا ، او زنزانة سجن وسخة جدا وهي مقر ممثل الصندوق (الصورة) ، ولا تدعوا إلى خلاف ما صرحت به السيدة زينب ، وبها عامل من عمال "اكنام" يزاول عمله في تلك الظروف ، وتلك الغرفة الضيقة ، تحدثنا إليه من شباك النافذة عن القضية ، وكانت ردوده شافية تنبع من تفهمه لمسؤولياته ، إلا انه رفض متعللا بعض الاتهامات الموجهة للمركز حتى البادية للعيان منها ، على حساب زبناء مؤسسته ، بدرجة تثير الشكوك والريبة في امكانية احتوائه من طرف ادارة المركز الذي ينظر إليه منذ عقود على انه اكبر بؤرة للفساد في الولاية.
ثم بعد ذلك تحدثنا إلى احد المدرسين في المدينة داخل مركز الاستطباب ، والذي اكد استهدافا متعمدا للمضمونين من طرف صندوق "اكنام" وقال المعلم الذي طلب منا عدم ذكر اسمه لاسبابه الخاصة ، انه منذ يوم أمس وهو يحاول اجراء فحص بسيط للدم ، ولم يتوصل إليه سوى اليوم بسبب اوراق "اكنام" التي لديه والتي اصبحت عائقا ، ولم تعد مقبلولة حتى عند الاستقبال والتسجيل.
رافقنا المعلم بعد استلامه للوصفة إلى صيدلية المركز لنكتشف خلوها من عناصر وصفته ، إلا دواء واحد اكدت البائعة على انه أمانة لديها! ، وان ثمنه هو كذا وكذا وليس تابع للصيدلية!.
توجنا مع المعلم إلى محيط الصيدليات الذي يحيط بمدخل المركز حيث تعرفنا على معظم اسمائها الغريبة ، بأسماء الاطباء والممرضين وحتى الحراس لديهم صيدليات قرب المركز.
وقد بدت الصيدليات دكاكين يختلط على رفوفها ، انواع من الدواء يحمل رسوما غريبة ، وغير معهودة ، ابرزها العقرب ، والاعضاء التناسلية ، والاسنان المخيفة ، وبلا تكييف ودون حفاظات تبريد ، في زمن ترتفع فيه درجة الحرارة لتعانق الخمسين مئوية ، ما يعرض الدواء للفساد .
هذا وقد دخلنا ثانية لالغاء نظرة اخيرة على المركز ، حيث حاولنا استفسار احد الممرضين الذي وصفنا بأوصاف غير لائقة ، إلا انه حسب حديثه عن صندوق "اكنام" يري ان خدماته مجانية وعمل خيري تقوم به الدولة اتجاه عمالها وليس دينا ملزما يجب قضائه .
فهمنا ونحن نغادر ذاك المركز الصحي الوحيد الذي يدمي القلب ، أن تلك الثقافة السائد بين الاطباء والعمال ، والتي يتعامل المركز بها ، مع خدمات الضمان الصحي على انها صدقة غير ملزمة تقدمها الدولة لمشتركي صندوق يدعى "اكنام" وليس خدمة مدفوعة الثمن من رواتب مستحقيها.
ومهما يكن من امر فإن الصندوق الوطني للضمان الصحي الذي يحاول تعميم خدمته المدفوعة الثمن للجميع ، ليواجه اكبر تحدي في الحوض الشرقي اكثر من أي وقت مضى ، ما يستدعي حملة تحسيس في اوساط الاطباء عن طبيعة عمله وإقناعهم بالتحكم في شهيتهم المفتوحة اتجاه ما في جيوب المرضى ، والاعتراف بجميع اصدارات المنظومة الصحية للبلد.
هذا وللتذكير فإن رئيس الجمهورية قد دشن قبل اسابيع مستشفى جديد في مدينة النعمة ، لكن آخر عهد بفتح ابوابه عندما خرج منه الرئيس ، ليتم اغلاقه وسط حديث عن عدم جاهزيته ، وإنما عرض مؤخرا في التدشين كان مشهدا مختلقا على عجل ، لعدم احراج الرئيس المصر على تدشين المركز في مأموريته الحالية حسب ما نقل عن السلطات الصحية في المدينة .





