
اغلقت معظم الدول الافريقية حدودها الجوية والبرية أمام ما وصف بالهجرة الأروبية بعد إعلان اوروبا بؤرة لعدوى فيروس كورونا.
وقد القت الغت الرئاسة الموريتانية جميع الرحلات السياحية إلى موريتانيا .
وقد قلب وباء كورونا الموازين رأسا على عقب ، فبينما كانت البلدان الاروبية تدرب الأجهزة الأمنية والعسكرية الافريقية على كبح جماح الهجرة السرية إلى أوروبا ، اصبحت الدول الافريقية تستغل خبرة اجهزتها الامنية والعسكرية لمنع الهجرة الاوروبية للوقاية من فيروس كورونا.
وفي الوقت الذي كانت الدول الافريقية تستجدي السياح الاوروبيين أصبحت يغلق امامهم الحدود ، فسبحان الواحد الاحد ومقلب الاحوال.
وصدق ابو البقاء حين قال في رثاء الاندلس:
لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ / فَلَا يُغَرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إنْسَانُ
هِيَ الأمُورُ كَمَا شَاهَدْتُهَا دُوَلٌ / مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءتْهُ أزْمَانُ
وهذهِ الدارُ لا تُبْقي على أحدٍ / ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ
يُمَزق الدهرُ حتمًا كلَّ سابغةٍ / إذا نَبَتْ مَشرَفِيات وخَرصانُ
ويَنتَضي كلَّ سيفٍ للفناءِ ولو / كانَ ابنَ ذي يَزَنٍ والغِمدَ غِمدانُ
أينَ المُلوكُ ذوو التيجانِ من يَمنٍ/ وأينَ مِنْهُمْ أكَالِيلٌ وتِيجانُ
وأينَ ما شَادَهُ شَدَّادُ في إرمٍ / وأين ما سَاسَه في الفرس ساسانُ
وأينَ ما حازَهُ قَارُونُ من ذَهَبٍ / وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
أتى على الكلِّ أمرٌ لا مَرَدَّ له / حتى قضوا فكأنَّ القومَ ما كانوا
وَصَارَ مَا كَانَ مِنْ مُلكٍ ومنْ مَلكٍ / كما حَكَى عَنْ خيالِ الطيفِ وَسْنانُ
دارَ الزمانُ على دارا وقاتله / وأمَّ كسرى فما آواهُ إيوانُ
كأنَّمَا الصَّعْبُ لَم يَسهُل لهُ سببُ / يومًا وَلا مَلَكَ الدنيا سليمانُ
فجائعُ الدهرِ أنواعٌ منوعةٌ / وللزمانِ مَسَرَّاتٌ وأحزانُ
وللحوادثِ سُلوانٌ يُسَهِّلُهَا / وَمَا لِمَا حلَّ بالإسلامِ سُلوانُ
دَهَى الجزيرةَ أمْرٌ لا عزاءَ لهُ / هوى لهُ أُحدٌ وانهدَّ ثَهلانُ
أصابَها العينُ في الإسلامِ فارتزأتْ / حتّى خلتْ منهُ أقطارٌ وبلدانُ
فاسألْ بَلَنْسِيَةَ ما شأنُ مُرسيةٍ / وأينَ شاطبةٌ أمْ أينَ جيَّانُ
وأينَ قرطبةٌ دارُ العلومِ فكَمْ / مِنْ عالمٍ قَدْ سما فيها لهُ شانُ
وأين حِمصُ وما تحويهِ مِنْ نُزَهٍ / ونهرُها العذبُ فيّاضٌ وملآنُ
قواعدٌ كُنَّ أركانَ البلادِ فما / عسى البقاءُ إذا لمْ تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةُ البيضاءُ مِن أسفٍ / كما بكى لفراقِ الإلفِ هَيمانُ
عَـلى دِيـارٍ مِـنَ الإِسلامِ خالِيَةٍ / قَـد أَقـفَرَتْ وَلَها بالكُفرِ عُمرانُ
حيثُ المساجدُ قدْ صارتْ كنائسُ ما / فيهنَّ إلّا نواقيسٌ وصُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وَهْيَ جامدةٌ / حتى المنابرُ تَرثي وهْيَ عِيدانُ
يا غافلاً ولهُ في الدهرِ موعظةٌ / إنْ كنتَ في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وماشيًا مرحًا يُلهيهِ موطنُهُ / أبَعْدَ حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ
تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها / وما لها معَ طولِ الدهرِ نِسيانُ
يا أيها الملكُ البيضاءُ رايتُهُ / أدركْ بسيفِكَ أهلَ الكُفرِ لا كانوا
يا راكبينَ عِتاقَ الخيلِ ضامرةً / كأنها في مجالِ السَّبقِ عُقبانُ
وحاملينَ سيوفَ الهندِ مُرهفةُ / كأنها في ظلامِ النَّقع نِيرانُ
وراتعينَ وراءَ البحرِ في دَعةٍ / لهمْ بأوطانهمْ عِزٌّ وسُلطانُ
أعندكم نبأٌ منْ أهلِ أندلسٍ / فقدْ سرى بحديثِ القومِ ركُبانُ
كمْ يستغيثُ بنا المستضعفونَ وهُمْ / قتلى وأسرى فما يهتزُّ إنسانُ
ما ذا التقاطعُ في الإسلامِ بينكمُ / وأنتمُ يا عبادَ الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ / أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا مَنْ لذلةِ قومٍ بعدَ عزَّتِهِم / أحالَ حالهُمُ كفرٌ وطُغيانُ
بالأمسِ كانوا ملوكًا في منازِلِهِم / واليومَ همْ في بلادِ الكفرِ عُبدانُ
فلو تراهمْ حيارى لا دليلَ لهمْ / عليهِمُ منْ ثيابِ الذلِّ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعِهِمُ / لهالَكَ الأمرُ واستهوتْكَ أحزانُ
يا رُبَّ أمٍّ وطفلٍ حِيلََ بينهمَا / كما تُفرَّقُ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ مثلَ حسنِ الشمسِ إذْ طلعتْ / كأنما هي ياقوتٌ ومَرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروهِ مُكرهةً / والعينُ باكيةُ والقلبُ حَيرانُ
لمِثلِ هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ / إنْ كانَ في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ