
في خطوة أثارت موجة من الجدل والاستياء، قررت وزارة التربية فرض الزي المدرسي الإجباري على التلاميذ، في وقت تعاني فيه المؤسسات التعليمية في مدينة النعمة من أزمات بنيوية خانقة، تجعل هذا القرار أقرب إلى ترف بيروقراطي منه إلى سياسة إصلاحية حقيقية.
فبينما تلجأ بعض المدارس في عاصمة الولاية إلى فصول دراسية في بيوت طينية مؤجرة، وتفتقر معظم المدارس إلى المقاعد والسبورات والمعلمين، تخرج الوزارة بقرار يُلزم الأسر بتوفير زي موحد، في تجاهل صارخ لأولويات القطاع واحتياجاته الملحة.
أولياء الأمور يحتجون: "نريد كراسي لا أزياء"
وقد شهدت المدينة اليوم وقفة احتجاجية أمام مبنى الولاية، نظمها أولياء أمور التلاميذ، رفضًا لهذا القرار الذي وصفوه بـ"المنفصل عن الواقع".
واعتبر المحتجون أن فرض الزي الموحد في ظل هذه الظروف ليس فقط قرارًا مرتجلًا، بل يُمثل عبئًا اقتصاديًا جديدًا على عائلات يعيش كثير منها تحت خط الفقر، ويكافح لتأمين الحد الأدنى من مستلزمات الدراسة.
وطرح بعضهم تساؤلات واردة:
هل أصبح الزي المدرسي أولى من الكراسي التي تنعدم في بعض الفصول؟
هل توحيد اللباس أهم من توحيد الحصص التي تتوقف بفعل غياب المعلمين؟
وهل من المنطقي طرد التلاميذ لمجرد أن أسرهم عاجزة عن شراء زي مدرسي؟
انفصال عن الأولويات
يرى كثير من المتابعين أن القرار يعكس انفصالًا متزايدًا بين صانعي القرار التربوي وواقع المدارس، حيث تُصرف الموارد على إجراءات شكلية بدلًا من توجيهها نحو تحسين البنية التحتية، وتوفير الأدوات التعليمية، ودعم المعلمين.
وفي مدينة تعاني مدارسها من غياب النوافذ، وانعدام الكتب، وتعطل العملية التعليمية بفعل نقص الكادر، يبدو هذا القرار بمثابة استفزاز لمشاعر الأهالي أكثر منه خطوة إصلاحية.
سياسات تحتاج إلى مراجعة
إن كانت الحكومة جادة فعلًا في إصلاح التعليم، فإن الطريق لا يمر عبر أزياء موحدة، بل عبر رؤية تعليمية شاملة، تبدأ بتشخيص واقعي، وتضع مصلحة التلميذ في مقدمة أولوياتها، لا مظهره الخارجي.
إن فرض زي مدرسي في مدارس بلا أدنى مقومات، لا يُعَدّ إصلاحًا، بل هو تكريس للفجوة بين الخطاب الرسمي وواقع الميدان، وهي فجوة آن الأوان لجسرها بسياسات جادة ومسؤولة.
مولاي الحسن مولاي عبد القادر