اجتماع نواكشوط.. صفعة في وجه الوحدة الوطنية وتضليل سياسي قبيل زيارة الرئيس للحوض الشرقي

خميس, 10/16/2025 - 17:52

في سابقة مثيرة للقلق، عُقد مؤخرًا في منزل بالعاصمة نواكشوط اجتماع وُصف بـ"التحضيري" للزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني إلى ولاية الحوض الشرقي.

غير أن هذا الاجتماع، الذي يُفترض أن يُجسّد روح التشاور والوحدة الوطنية، تحول إلى نموذج فجّ للإقصاء والتهميش السياسي والاجتماعي، في مخالفة صريحة لتوجهات الرئيس ذاته، الذي ما فتئ يؤكد على الشمول والانفتاح والتعددية.

مشهد سياسي مفبرك

وبحسب مصادر متطابقة، فقد عُقد الاجتماع بمشاركة وجوه معروفة باستفادتها من المناصب العمومية، إضافة إلى عدد من سكان العاصمة المنحدرين من الولاية الأولى، فيما غابت عنه أطراف وقوى قبلية وسياسية فاعلة على الأرض.

وهو ما دفع بمجموعة من الأطر الوطنيين، الحريصين على احترام المؤسسات والمسارات السياسية الجادة، إلى رفض الحضور بعد تبيُّن الطابع الإقصائي للاجتماع وغياب أي دعوة رسمية من جهة حزبية أو سياسية معتمدة.

هذا النوع من الاجتماعات "العشوائية" ليس مجرد تجاوز بروتوكولي، بل يُعدّ محاولة مكشوفة لرسم مشهد سياسي زائف، يُراد به تضليل القيادة العليا في البلاد، وخلق انطباع وهمي بوجود انسجام وتنسيق، في حين أن الواقع على الأرض يعكس تشرذمًا واحتقانًا اجتماعيًا بسبب هكذا ممارسات ضيقة الأفق.

استغلال ظرف سياسي حساس

من المثير للسخرية أن يعقد هذا الاجتماع في ظرف سياسي حساس، تزامنًا مع تقرير محكمة الحسابات الأخير، والذي كان بمثابة زلزال سياسي وإداري، حيث ألزم رئيس الجمهورية الحكومة بتطبيق صارم لتوصياته، في خطوة تؤكد توجه السلطة نحو محاربة الفساد وتكريس الشفافية.

فهل يُعقل أن يُستغل هذا المناخ الإيجابي لتُقام اجتماعات ظاهرها "التحضير"، وباطنها محاولة يائسة لترتيب أوراق فئة محددة تسعى لتكريس مصالحها الضيقة على حساب الولاية وسكانها؟

تجاهل المتغيرات… وصفة للفشل

الاجتماع الأخير يمثل إهانة صريحة للجهود التي تبذلها الدولة لتعزيز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، وهو تكريس لمنطق القبيلة والجهوية والإقصاء.

تجاهل الفاعلين الحقيقيين في ولاية الحوض الشرقي – من أطر مستقلين، ووجهاء تقليديين، وقوى اجتماعية وشبابية – يعني ببساطة أن التحضير للزيارة يسير في الاتجاه الخاطئ.

إن محاولة صناعة مشهد سياسي مزيف، بعقلية تقليدية تقوم على الولاء للأشخاص وليس للمؤسسات، لن تساهم إلا في تعميق الفجوة بين الدولة والمجتمع المحلي، وتزيد من فقدان الثقة في آليات العمل السياسي والتنظيمي.

زيارة رئيس الجمهورية لولاية الحوض الشرقي يجب أن تكون محطة جامعة، لا مناسبة لتكريس الانقسامات واستعراض الولاءات الشخصية.

وإذا كانت بعض الأطراف تسعى لتضليل القيادة عبر مسرحيات اجتماعية مغلقة، فإن وعي المواطنين، وحرص الرئيس على تكريس نهج جديد من الحكم الرشيد، كفيل بإفشال هذه الألاعيب، وتوجيه البوصلة نحو ما يخدم فعليًا مصالح الولاية وسكانها، بعيدًا عن المزايدات والمناورات التي عفا عليها الزمن.

مولاي الحسن مولاي عبد القادر