
في خطوة غير متوقعة، عادت الأضواء لتتسابق على الحلف السياسي الذي كان يُعتقد أنه قد حلّ أو انتهى منذ زمن.
ففي اجتماع لافت، عُقد ليلة البارحة في منزل وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، الفضيل ولد سيداتي، اجتمع عدد من أطر ومنتخبي مقاطعتي آمورج وعدل بكرو في مشهد أثار الكثير من التساؤلات حول الاتجاه السياسي للمنطقة.
الاجتماع الذي قيل إنه يأتي في إطار تحضيرات لزيارة رئيس الجمهورية لولاية الحوض الشرقي، حمل معه رسائل مشفرة حول وجود تحولات مفاجئة قد تخلّف وراءها الكثير من المتاعب السياسية.
الأمر الذي يثير الاهتمام بشكل خاص هو الحضور البارز لأشخاص من المحيط الضيق للوزير السابق سيدنا علي ولد محمد خونه.
فهؤلاء الأشخاص، الذين يشكلون العمود الفقري لحلف ولد محمد خونه السياسي، كانوا حاضرين بكثافة، مما يشير إلى أن الأمور بين الوزير ولد سيداتي وولد محمد خونه لم تنتهِ كما يظن البعض.
بل على العكس، يبدو أن الاجتماع كان بمثابة إعادة بناء روابط قديمة كانت قد تعرضت للتصدع بعد التوقيف المفاجئ لولد محمد خونه في ولاية الحوض الشرقي.
ولعل أبرز ما يثير الجدل في هذا الاجتماع هو الاتهام الموجه لولد سيداتي بأنه أول من انقلب على ولد محمد خونه، الزعيم السياسي الذي كان له دور محوري في انطلاقته السياسية.
هذا الاتهام جاء ليزيد من تعقيد الصورة، ويكشف عن تصدعات واضحة في صفوف الحلف السياسي. فإلى جانب العزوف المحتمل لبعض الداعمين السابقين لولد سيداتي، هناك من يعتقد أن موقفه الجديد قد يخلق له عداوات لم يكن في حسبانه.
تاريخ الحلف الذي أسسه ولد محمد خونه في مقاطعتي آمورج وعدل بكرو يظل محورًا حاسمًا لفهم التحولات السياسية الحالية.
فمنذ أن دفع ولد محمد خونه بولد سيداتي إلى معترك السياسة في انتخابات 2018، تحول خلالها الأخير من بحار في نواذيبو إلى شخصية سياسية بارزة في الحلف، ونائبا عن دائرة أمرج، ومستفيدا بعد ذلك من الفراغ الذي خلفه انسحاب الرجل ليتحول في انتخابات 2023 نائبا عن مقاطعة عدل بكرو.
لكن ما قد يثير الاستغراب هو مسار الرجل اللاحق، حيث تنقل من منصب وزير للصيد، وهو أول بحار يتولى حقيبة قطاعه، إلى منصب وزير الشؤون الإسلامية، وهو ما يعتبر خرقًا للقاعدة التقليدية في تعيين الشخصيات ذات الخلفية الدينية لهذه الحقيبة الوزارية.
وما يجعل المشهد أكثر تعقيدًا هو ما أثير من معلومات حول لقاء سري بين الوزير ولد سيداتي وولد محمد خونه قبل توقيف الأخير.
هذا اللقاء الذي ربما حمل بدايات انقسام أو تفاهم جديد، يزيد من الغموض المحيط بتوقيف ولد محمد خونه ويطرح تساؤلات كبيرة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا القرار الذي أثر بشكل كبير على التحالفات السياسية في المنطقة.
بناءً على هذه المعطيات، يبدو أن الحلف السياسي الذي أسسه ولد محمد خونه قد لا يكون قد انتهى كما ظن البعض، بل هو في طور إعادة بناء معالمه.
الحضور البارز لشخصيات كانت في صلب الحلف السياسي في اجتماع ولد سيداتي يشير إلى أن المنطقة قد تكون على أعتاب مرحلة سياسية جديدة قد تنعكس على الانتخابات المقبلة وتعيد رسم خريطة القوى السياسية في مقاطعتي آمورج وعدل بكرو.
ومهما يكن من أمر، فإنه لا يمكن الجزم بما إذا كان هذا الاجتماع سيؤدي إلى تسوية سياسية حقيقية بين الأطراف المختلفة، أم أنه مجرد إعادة ترتيب للأوراق في لعبة السياسة الموريتانية التي لا تعرف الاستقرار الدائم.
لكن المؤكد هو أن المعركة السياسية لم تنته بعد، وأن التحولات التي تشهدها مقاطعتي آمورج وعدل بكرو قد تفضي إلى خلط جديد للورق السياسي في الأيام القادمة.
موقع صوت
























