
لم تكن مدينة ولاتة التاريخية بحاجة إلى بهرجة أو مظاهر استعراضية لتؤكد عمق انتمائها الوطني وصدق ولائها لخيارات الدولة، وهي تحتضن زيارة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
فولاتة، بوجهها الثقافي المضيء، وتاريخها العريق الذي يتجاوز القرون، عبّرت بطريقتها الأصيلة عن احترامها للزيارة، بعيدًا عن الاصطناع والضجيج الذي حاول البعض تسويقه تحت شعار “الحماس الشعبي”.
لقد أثبت أبناء ولاتة الأصلاء – الذين تعالوا فوق كل الحسابات السياسية والفئوية – أنهم أصحاب المبادرة والمسؤولية، حيث انخرطوا في جهود التعبئة والتحسيس بروح جماعية صادقة، لا يحركها طمع ولا توجهها أجندة.
هؤلاء هم أبناء المدينة الذين ما غابوا عنها في الشدائد، ولا تخلّوا عنها في المحافل، فاستحقوا أن يكونوا عنوان الوفاء والانتماء الحقيقي.
لكن المؤسف أن حلفًا سياسيًا دخيلًا حاول ركوب الموجة، وسعى إلى قطف ثمار الجهود الخالصة التي بذلها أبناء المدينة.
ذلك الحلف الذي لا يربطه بالمدينة سوى شعارات جوفاء، ولا يمتلك من الانتماء سوى ما يكفي لالتقاط الصور في المناسبات.
أفراده لا يعيشون بين سكان المدينة، ولا يعرفون همومها اليومية، بل إن بعضهم ما زال انتماؤه الإداري للمقاطعة محلّ شك لدى أهلها، رغم شغله مناصب باسمها، في مفارقة تثير التساؤل حول معايير التمثيل وأمانة المسؤولية.
لقد حاول هؤلاء تقديم مشهد مصطنع لإيهام الرئيس بوجود تيار له تأثير وحضور، غير أن هذه المحاولة سقطت أمام وعي الناس، وفطنة الرئيس الذي يعرف جيدًا تركيبة البلاد وموازينها الاجتماعية والسياسية.
فالرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بخبرته وبُعد نظره، يدرك أن ولاء المدن لا يُقاس بعدد اللافتات ولا بحجم الحشود المفتعلة، بل يُقاس بصدق الانتماء والعمل من أجل المصلحة العامة.
إن مدينة ولاتة لا تنتظر من الزيارة الرئاسية مظاهر شكلية، بل تتطلع إلى ثمار تنموية حقيقية تعالج ما تعانيه من عزلة وتهميش.
فطريق فك العزلة الذي تحدث عنه الرئيس يمثل شريان الأمل، ومفتاح التنمية المنشودة، لكن تحقيقه يتطلب تضافر الجهود وتغليب مصلحة المدينة على الحسابات الشخصية والحزبية الضيقة.
فولاتة ليست ساحة للمزايدات السياسية، بل هي رمز للعلم والتاريخ والهوية، وأهلها الأصيلون هم حماة هذا المجد وورثة هذا الإرث.
وستظل، كما كانت دائمًا، مدينة تتسامى فوق الفوضى، وتنتصر لقيم الوعي والمسؤولية، مهما حاولت التيارات الدخيلة تشويه صورتها أو استثمار لحظاتها الوطنية لأغراض آنية.
مولاي الحسن مولاي عبد القادر




















