تقارير: الحصار الجهادي في مالي قد يمتد إلى موريتانيا

اثنين, 11/10/2025 - 15:13

قالت تقارير صحفية متعددة إن الحصار الذي تفرضه جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) على مالي منذ نحو شهرين قد يتوسع ليشمل الطرق القادمة من موريتانيا، ما يثير مخاوف من شلل اقتصادي شامل في غرب إفريقيا إذا لم يتم التحرك العاجل لتأمين طرق الإمداد الحيوية.

ووفقًا لتقرير نشرته مجلة جون أفريك، فإن عناصر التنظيم يقومون بعرقلة وتدمير الشاحنات التي تنقل الوقود إلى مالي، في ما وصفته المجلة بأنه «حصار فعّال وواسع النطاق» أدى إلى شلّ حركة النقل والتجارة بين العاصمة باماكو وبقية مناطق البلاد.

وتوضح المجلة أن الاستراتيجية التي بدأها التنظيم منذ مطلع سبتمبر أحدثت شللا أصاب مختلف القطاعات، من النقل واللوجستيك إلى الطاقة والزراعة والمناجم والتعليم، في بلد يعتمد كليًا على الطرق البرية لنقل الأفراد والبضائع والمواد الأساسية.

ويقول أحد المسؤولين في شركة لوجستية تحدث إلى جون أفريك:

“في مالي، إذا توقف الوقود، يتوقف كل شيء. لا يوجد بديل عن النقل البري، وكل ما يُستهلك في البلاد — من المواد الغذائية إلى الغاز — يصل عبر الطرق. من دون وقود أو طرق آمنة، الاقتصاد ببساطة يتوقف.”

وفي سياق متصل، نقل موقع Afrik.com أن الدول الغربية، ومن بينها فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا، دعت رعاياها إلى مغادرة مالي، في ظل تصاعد التوترات الأمنية. إلا أن الموقع أوضح أن المسلحين لا يبدون في صدد شنّ هجوم عسكري مباشر على باماكو، بل يهدفون إلى خنق العاصمة تدريجيًا من خلال سلسلة من الحصارات المتتابعة.

وأضاف التقرير أن الفديات المالية الضخمة التي حصلت عليها الجماعة خلال الأشهر الأخيرة — والمقدرة بما بين 50 و70 مليون يورو — زادت من قدرتها على التمويل والتسليح والتجنيد، مشيرًا إلى أن هذه الأموال تُستخدم في شراء الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيّرة والوقود، فضلًا عن تمويل الدعاية الإعلامية للتنظيم.

من جانبه، قال الباحث المالي بوبكر حيدرة في مقال تحليلي على موقع The Conversation إن الحديث عن احتمال سقوط باماكو “مبالغ فيه”، مشيرًا إلى أن الجماعة لا تملك القدرات العسكرية الكافية للسيطرة على العاصمة.

وأضاف أن النتائج الاقتصادية والاجتماعية الكارثية للحصار فاقت توقعات التنظيم نفسه، وأن “الحديث عن سقوط الدولة يمنح الجماعة وزنًا يفوق قدرتها الفعلية”.

ومع تدهور الأوضاع الميدانية، حذّر تقرير لمجلة لوبوان أفريك من أن الأزمة قد تمتد إلى دول الجوار ما لم يتم التحرك سريعًا لتأمين الطرق الإقليمية الرئيسية التي تمر عبر موريتانيا والسنغال وساحل العاج وغينيا، مشيرًا إلى أن هذه المحاور تشكل شرايين الإمداد الاقتصادي الأساسية لباماكو.

ونقل التقرير عن مصدر دبلوماسي قوله:

“ترك مالي تغرق في الفوضى يعني تعريض غرب إفريقيا بأكملها لخطر الانهيار الاقتصادي. المطلوب تعبئة عسكرية إقليمية لتأمين الطرق التجارية بدل الاكتفاء بالمراقبة من بعيد.”

وفي الداخل المالي، حاولت الحكومة امتصاص الصدمة عبر لقاءات مكثفة مع نقابات سائقي الشاحنات الذين أعلنوا استعدادهم لمواصلة مهامهم رغم المخاطر. وذكرت صحيفة Sahel Tribune أن رئيس الوزراء المالي عبد الله مايغا استقبل ممثلي السائقين وأشاد بـ”شجاعتهم وتفانيهم في خدمة الوطن”، معتبرًا أنهم يشكلون خط الدفاع الأول في معركة الصمود الوطني.

بدورها، أشارت صحيفة L’Essor الحكومية إلى أن توزيع الوقود بدأ يتحسن تدريجيًا في العاصمة باماكو، حيث تقلصت الطوابير أمام محطات البنزين وعاد جزء من الحياة اليومية إلى طبيعتها.

في المقابل، انتقدت صحيفة Aujourd’hui-Mali بشدة المواقف الغربية التي دعت إلى مغادرة مالي، ووصفتها بأنها “حملات ضغط غير مباشرة تهدف إلى تقويض شرعية الحكومة” عبر تضخيم الإحساس بانعدام الأمن.

وكتبت الصحيفة أن “هذه التحذيرات العلنية لا تضيف شيئًا للأمن الحقيقي، لكنها تُغذي الخوف الجماعي وتُضعف ثقة المواطنين في دولتهم”.